الخادمة" تحكم البيت السعودي
النساء: من المستحيل الاستغناء عنها.. الرجال: مظهرة ووجاهة فارغة
مع انتهاء رمضان.." الخادمة" تحكم البيت السعودي
ريم سليمان - سبق - جدة: يعاني المجتمع السعودي، كغيره من المجتمعات، من تفشي ظاهرة العمالة المنزلية، وظهور فئة الخادمات التي اجتاحت البيت السعودي. وعلى الرغم من كل صعوبات الحياة، إلا أن الخادمة باتت جزءاً لا يتجزأ من هذا الواقع رغم كم المشكلات التي تنتج عنها إلا أنها ضرورة فرضت نفسها، وقد حاول عددٌ من الأسر مراراً وتكراراً أن تستغني عن الخادمات إلا أن محاولاتها باءت بالفشل.
ومع انتهاء شهر رمضان الكريم، ترصد "سبق " آراء عدد من الأسر السعودية عن مدى احتياجها إلى الخادمة، وهل استطاعت بعض الأسر الاستغناء عن الخادمة في شهر رمضان؟
لا غنى عن الخادمة
"أم أحمد" أم لأربعة أولاد، قالت لــ "سبق": من الصعوبة، بل من المستحيل أن أستغني عن الخادمة رغم كل المشكلات التي جرت لي من جرّاء وجودها إلا أنني أجدها ضرورة، خاصة خلال شهر رمضان الكريم، الذي يتميز بكثرة "العزومات"، ومنذ بداية الشهر الكريم وأنا أبحث عن خادمة أخرى تساعدني لكثرة الضغط عليّ في شهر رمضان.
وأنهت حديثها بقولها العثور على خادمة جيدة بات كالعثور على "إبرة في كوم من القش".
أما"أم ثامر" فكانت أكثر واقعية، وقالت: المرأة السعودية لا تستطيع الاستغناء عن الخادمة، وخاصة في شهر رمضان، وقالت لـ "سبق": رمضان في المنزل السعودي مختلف والأسرة عادة تجتمع بأكملها على الإفطار، ووجود الخادمة ضروري لمساعدة ربة المنزل العاملة التي من الصعب أن تقضي احتياجات منزلها وأطفالها والعزائم المستمرة داخل البيت في هذا الشهر الكريم.
استغلال ورفع أجور
من جهتها، شكت "أحلام" التي تعمل في إحدى المدارس لــ "سبق " من أعمال زوجها خلال شهر رمضان الذي بات شهراً للأكل وملء البطون ليس إلا، وقالت زوجي تعامل مع الشهر الكريم بشكل غريب حيث أصبحت المنظرة والفخفخة هي كل ما يبحث عنه من عزومات باهظة الثمن كل يوم ومائدة مليئة بالأطعمة المتعددة، وفُوجئت أنه أتى لي بخادمة أخرى قبل بداية شهر رمضان، بحجة أنه من الصعب أن تقضى احتياجات المنزل بخادمة واحدة رغم استغلال الخادمات شهر رمضان في رفع أجورهن.
بيد أن أم ريان اختلفت كثير عمّن سبقها، وقالت: اتفقت أنا وزوجي أن نستغل شهر رمضان في العبادة والتقرُّب إلى الله والاعتكاف في الحرم، وابتعدنا عن الاهتمام بالطعام والعزومات، واتفقنا مع الأقارب على ذلك حتى لا يكون هناك أي نوع من الحرج، وجعلنا رمضان شهرا للعًبادة وليس للأكل، إلا أننا لم نستطع الاستغناء عن الخادمة، لكننا قلصنا إلى درجة كبيرة دورها داخل المنزل.
منطق خاطئ
أما أحمد الغامدي موظف في أحد البنوك، فأكد أن وجود الخادمة أصبح مظهراً عاماً تجده في كل بيت سعودي حتى إذا كان متوسط الحال، ورفض القول إن الخادمة باتت ضرورة ملحة في كل منزل.
وقال: نحن مَن جعلناها ضرورة، وتنحينا جنبا عن كل الجرائم والمشكلات التي اقترفتها الخادمات داخل البيت السعودي حتى صارت جزءاً لا يتجزأ منه، ولا بد من التفكير جيداً في تقليص دورها وليس الاستغناء عنها.
وأضاف: مع الأسف كان من الممكن أن يتم ذلك خلال شهر رمضان الكريم إلا أن الكثير تعاملوا مع الشهر بمنطق خاطئ.
فهد الزهراني، يعمل مدرساً قال عبر "سبق": زوجتي دائماً ما تختلق المشكلات بينها وبين الخادمة، وعندما أقول لها "طالما أنت متضررة من وجودها فنتركها ونستغني عنها، ترفض تماماً وتقول لي لا أستطيع العيش دونها ". وبدل من أن تتفرغ زوجتي للعبادة خلال شهر رمضان تفرغت تماماً للخلافات وللشجار المستمر مع الخادمة، وصار المنزل كالكابوس خلال الشهر الكريم، ولا أرى أي ضرورة ملحة لوجود الخادمة، فأنا لديّ طفلاً صغيراً وزوجتي لا تعمل، إلا أن المنظرة والوجاهة هي السبب الوحيد في وجودها، ودائماً ما تقول لي زوجتي كل صديقاتي لديهن خادمة واثنتان.
إحصاءات مُفجعة
من جهته، أعرب المستشار التربوي نزار رمضان عن أسفه من الواقع الذي يعكس إحصائيات مفجعة تعلن بأعلى الأصوات أن هناك خللاً اجتماعياً وتربوياً، وأن الأسرة لا يمكنها الاستغناء عن الخادمة عموماً، وفي شهر رمضان خصوصاً.
وقال: ارتفعت أجور التنازل ونقل كفالة الخادمات المنزليات إلى أرقام غير مسبوقة، مع حلول موسم رمضان، وسريان إغلاق الاستقدام مع بعض الدول الآسيوية، وراوحت أسعار نقل الكفالة ما بين 15 و30 ألف ريال للعاملة المنزلية، بل تزيد أسعار الخادمات في السعودية خلال شهر رمضان المبارك إلى أربعة أضعاف.
وكشف النقاب عن مافيا الخادمات خلال الشهر الكريم حيث يقوم البعض بعرض خادمته للإيجار خلال الشهر الفضيل بمبلغ يزيد على 4 آلاف ريال، في ظل السعي الحثيث لاستئجار خادمة باعتبارها أحد المتطلبات الضرورية لرمضان، بحجة أن حجم العمل المنزلي فيه يتضاعف مع رغبة أفراد الأسرة في التفرُّغ للصيام وصلاة التراويح والقيام، بيد أن تلك الحجة غير واقعية.
ونصح الخبير التربوي نزار رمضان الأسر بتصحيح المفاهيم وتعديل الموازين، بمعنى أن رمضان ليس للطعام والشراب والعزومات، بل هو تخفيف وجبة من ثلاث، أي لا بد أن تقل الأعباء وتقل المهام، وبالتالي يقل الاستهلاك، وكذلك لا بد من تعديل مفهوم الرجولة، وأن خيركم خيركم لأهله من مساعدة وأن يكون الرجل في العون دائماً، وأنهى حديثه بقول رسول الله ــ عليه الصلاة والسلام ــ لابنته فاطمة ــ رضي الله عنها ــ عندما طلبت خادما: "ألا أدلكما خير مما سألتما، إذا أخذتما مضاجعكما أو آويتما إلى فراشكما فسبّحا ثلاثاً وثلاثين واحمدا ثلاثاً وثلاثين وكبّرا أربعاً وثلاثين، فهو خيرٌ لكما من خادم" متفق عليه.
رغبة مع إيقاف التنفيذ
فيما رأت المستشارة الأسرية والاجتماعية الدكتورة نادية نصير، أن المرأة دون خادمة في الشرق الأوسط في القرن العشرين تعد كارثة بمعنى الكلمة، فما بالكم في رمضان هذا الشهر الذي يحتاج إلى العناية الفائقة لكل جوانب الحياة المنزلية، وبالأخص تحضير وجبة الإفطار.
وأشارت إلى الدراسة التي صدرت أخيرا في كتاب بعنوان "المرأة السعودية والخادمة" والتي كشفت عن أن أغلبية المبحوثات لا يردن استقدام خادمة بنسبة 67.61 في المائة، بيد أن هذه الرغبة تبقى مع إيقاف التنفيذ نظراً للظروف الاقتصادية والاجتماعية وتظل المرأة السعودية مثلها مثل غيرها تحتاج إلى المساعدة المنزلية.
ودعت نصير جميع الأسر إلى اعتبار شهر رمضان تجربة جميلة ليساعد كل واحد منا الآخر، وسوف نشعر وقتها بالمتعة، مشيرة إلى أننا كثيراً ما نمر بمواقف لا نستطيع تغييرها، ولكن نستطيع التعايش معها والتغلب عليها، وكلما زرعنا بداخلنا حب العطاء قبل الأخذ سوف نرتاح ونجمع محصولاً جيداً